الفتاوى القرآنيه
صفحة 1 من اصل 1
الفتاوى القرآنيه
هل يجوز للمرأة أن تجعل الراديو يقرأ القرآن في نفس الوقت الذي تؤدي فيه عملها في المطبخ؟
يجوز ذلك حيث أن الإذاعة تحكي ما فيها من قرآن أو غيره، ومن استمع له استفاد ومن اشتغل فقد يستفيد ولو قليلاً.
ما حكم القراءة من المصحف للإمام الذي لا يحفظ؟ وما حكم متابعة المأموم الإمام بالنظر في المصحف عند القراءة بحجّة إصلاح خطأ الإمام، أو من أجل زيادة الفهم والتدبُّر والخشوع، كما يحتجون؟
لا أرى بأساً في حمل المصحف خلف الإمام، ومتابعته في القراءة لهذا الغرض، أو للفتح عليه إذا غلط، ويغتفر ما يحصل من حركة القبض وتقليب الأوراق، وترك السنة في قبض اليسار باليمين، كما يغتفر ذلك في حقّ الإمام الذي يحتاج إلى القراءة في المصحف، لعدم حفظه للقرآن، ففائدة متابعة الإمام في المصحف ظاهرة، بحضور القلب لما يسمعه، وبالرقة والخشوع، وبإصلاح الأخطاء التي تقع في القراءة من الأفراد، ومعرفة مواضعها، كما أن بعض الأئمة يكون حافظاً للقرآن فيقرأ في الصلاة عن ظهر قلب، وقد يغلط ولا يكون خلفه من يحفظ القرآن فيحتاج إلى اختيار أحدهم ليتابعه في المصحف، ليفتح عليه إذا ارتج عليه، ولينبهه إذا أخطأ، فلا بأس بذلك، إن شاء الله.
ما معنى التغنِّي بالقرآن؟ وما حكمه؟ وما معنى التحبير في القراءة؟ وماذا ترون في مسألة تكلُّف بعض الأئمة في نطق القرآن بحيث يخرجون عن سجيّتهم بقصد تحبيره؟
لتّغني هو تحسين الصوت بالقرآن، والترنُّم به، وهو مُستحب، لحديث أبي هريرة: "ليس منا من لم يتغنّ بالقرآن". وروى مسلم عن أبي موسى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة، لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود". وروي عنه أنه قال: "لو علمت أنك تستمع إليّ لحربته لك تحبيراً". والتحبير تحسين الصوت وتحزينه، وحيث أعجب النبي صلى الله عليه وسلم، وأقرّه على التّحبير، فإن ذلك يدل على الاستحباب، لكن التكلف والتشدد في النطق بالحروف، والمبالغة في المد والشد، والإظهار والإفصاح الزائد عن القدرة المعتادة لا يجوز، فإنّ قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، ليس فيها تكلف، فقد قرأ سورة البقرة والنساء وآل عمران في ركعة، وقد ثبت عن عثمان -رضي الله عنه- أنه كان يختم القرآن في ركعة".
ولو كانوا يتكلّفون هذا التكلف المعهود في قراءة المعاصرين لما أمكنهم ذلك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اقرأوا القرآن من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح، يتعجّلونه ولا يتأجّلونه". رواه أبو داود بمعناه.
قال النووي في التبيان: معناه يتعجّلون أجره، إما بمال وإما بسمعة ونحوها، وعن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما- أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: "اقرأوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإيّاكم ولحون أهل العشق، ولحون أهل الكتابين، وسيجيء بعدي أقوام يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونةٌ قلوبهم، وقلوب الذين يعجبهم شأنهم". ذكره في جامع الأصول، وعزاه لرزين، والله أعلم (الحديث فيه ضعف).
وجد في بعض الكليات في بعض الجامعات يقولون: إن القرآن أعظم من أن ندخله في قواعد اللغة، ويقولون: إن من صنف في اللغة من القدماء لم يستشهد بالقرآن الكريم. فما رأي سماحتكم في ذلك؟
رأينا في هذا: أن هذا القول خطأ عظيم بلاشك؛ لأن الله سبحانه وتعالي قال:} نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ(193)عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ(194)بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ(195){ [سورة الشعراء] ونحن لو صنف أحد من الناس كتاباً في اللغة، واستشهد بقول بدوي في البادية؛ لرأى الناس هذا دليلاً على ما استشهد به عليه، فكيف لا يمكن أن نقول: إن من استشهد بآية من كتاب الله قد استشهد بدليل صحيح؟! ولا شك أن قول هذا القائل من أعظم الأقوال فرية وكذباً، فالقرآن الكريم مصدر بلاشك، وسند قوي يستشهد به على اللغة العربية .
وانظر إلى كتب العلماء الذين ألفوا في العربية: كيف يستشهدون بالقرآن على ثبوت القواعد؟ وكيف يجيبون عن الآيات المشكلة التي تخرج عن قواعدهم؟ بل إن بعضهم قد يغير القاعدة من أجل ما جاءت به الآيات الكريمة مثل قوله تعالى:} فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ (71) {[سورة المائدة] فإن من العلماء من قال: إنه يجوز إدخال علامة الجمع على فعل فاعله اسم ظاهر، وأن ذلك قد دل عليه القرآن بدلاً من أن يقولوا: إنه جائز على لغة: (أكلوني البراغيث) فنرى أن القرآن الكريم دليل على اللغة العربية، وقواعدها، ومن قال مثل هذا القول، فعليه أن يستغفر الله عز وجل، وأن يتوب إليه .
هل نزلت سورة: }إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1){ [سورة الكوثر] بمكة أو بالمدينة؟
نزلت بالمدينة، ثبت في "صحيح مسلم" عَنْ أَنَسٍ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا إِذْ أَغْفَى إِغْفَاءَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا فَقُلْنَا: مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:[ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ فَقَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: } إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ(1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ(2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ(3) { ] ثُمَّ قَالَ:[ أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ] فَقُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ:[ فَإِنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ هُوَ حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ فَيُخْتَلَجُ الْعَبْدُ مِنْهُمْ فَأَقُولُ رَبِّ إِنَّهُ مِنْ أُمَّتِي فَيَقُولُ مَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَتْ بَعْدَكَ] هذا اللفظ رواه مسلم. وفي رواية له:" بَيْنَ أَظْهُرِنَا فِي الْمَسْجِدِ" . وقد أجمع المسلمون على أن أنساً لم يصحب النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة إلى المدينة .
يقول بعض الزملاء: من لم يدخل الإسلام يعتبر حرًّا لا يكره على الإسلام، ويستدل بقوله تعالى:} أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ(99) وقوله تعالى: }لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ...(256){ فما رأي سماحتكم في هذا؟
هاتان الآيتان الكريمتان والآيات الأخرى التي في معناهما بيَّن العلماء أنهما في حق من تؤخذ منهما الجزية كاليهود والنصاري والمجوس، لا يكرهون، بل يخيرون بين الإسلام وبين بذل الجزية. وقال آخرون من أهل العلم: إنها كانت في أول الأمر، ثم نسخت بأمر الله سبحانه بالقتال والجهاد، فمن أبى الدخول في الإسلام وجب جهاده مع القدرة حتى يدخل في الإسلام أو يؤدي الجزية إن كان من أهلها؛ فالواجب إلزام الكفار بالإسلام إذا كانوا تؤخذ منهم الجزية؛ لأن إسلامهم فيه سعادتهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة، فإلزام الإنسان بالحق الذي فيه الهدى والسعادة خير له من الباطل، كما يلزم الإنسان بالحق الذي عليه لبني آدم ولو بالسجن أو بالضرب، فإلزام الكفار بتوحيد الله والدخول في دين الإسلام أولى وأوجب؛ لأن فيه سعادتهم في العاجل والآجل، إلا إذا كانوا من أهل الكتاب كاليهود والنصارى أو المجوس، فهذه الطوائف الثلاث جاء الشرع بأنهم يخيرون؛ فإما أن يدخلوا في الإسلام، وإما أن يبذلوا الجزية عن يد وهم صاغرون.
وذهب بعض أهل العلم إلى إلحاق غيرهم بهم في التخيير بين الإسلام والجزية، والأرجح أن لا يلحق بهم غيرهم؛ بل هؤلاء الطوائف الثلاث هم الذين يخيرون؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قاتل الكفار في الجزيرة ولم يقبل منهم إلا الإسلام، قال تعالى:} فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَءَاتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(5){ [سورة التوبة] ولم يقل:أو أدوا الجزية، فاليهود والنصارى والمجوس يطالبون بالإسلام، فإن أبوا فالجزية، فإن أبوا وجب على أهل الإسلام قتالهم إن استطاعوا ذلك، يقول عز وجل:} قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ(29){ [سورة التوبة] .
ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخذ الجزية من المجوس، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه رضي الله عنهم أنهم أخذوا الجزية من غير الطوائف الثلاث المذكورة، والأصل في هذا قوله تعالى:} وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ (29){ [سورة الأنفال] وقوله سبحانه:} فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَءَاتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(5){ [سورة التوبة] وهذه الآية تسمى آية السيف، وهي وأمثالها هي الناسخة للآيات التي فيها عدم الإكراه على الإسلام، والله الموفق.
ما معنى قوله تعالى:}...فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ...(203) { [سورة البقرة] ؟ مع إيضاح ما نصت عليه هذه الآية .
يقول الله سبحانه: }وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى ...(203){ [سورة البقرة]. والمراد بالأيام المعدودات هنا: أيام التشريق الثلاثة: الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، فمن ينفر من الحجاج بعد رمي جمراته اليوم الثاني عشر بعد الزوال وقبل الغروب فقد تعجل، ومن بقى بمنى إلى أن يرمي جمرات اليوم الثالث عشر فقد تأخر، وذلك أفضل؛ لموافقته لفعله عليه الصلاة والسلام.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
ورد في القرآن الكريم آية كريمة في مجال تعدد الزوجات تقول: } فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً{. وورد في مكان آخر: }وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ{. فهل يعني هذا نسخ الآية الأولى وعدم الزواج إلا من واحدة؛ لأن شرط العدل غير ممكن. أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
ليس بين الآيتين تعارض، وليس هناك نسخ لإحداهما بالأخرى, وإنما العدل المأمور به هو المستطاع، وهو العدل في القسمة والنفقة. أما العدل في الحب وتوابعه من الجماع ونحوه فهذا غير مستطاع, وهو المراد في قوله تعالى: }وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ(129){ [سورة النساء] ولهذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عَائِشَةَ - رضي الله عنها- قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ وَيَقُولُ:[ اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ] قَالَ أَبُو دَاوُد: يَعْنِي الْقَلْبَ . رواه أبوداود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدرامي وصححه ابن حبان والحاكم. والله ولي التوفيق .
يهما أفضل قراءة القرآن أم الاستماع إلى أحد القراء عبر الأشرطة المسجلة؟
لأفضل أن يعمل بما هو أصلح لقلبه وأكثر تأثيراً فيه من القراءة أو الاستماع؛ لأن المقصود من القراءة هو التدبر والفهم للمعنى والعمل بما يدل عليه كتاب الله عز وجل كما قال الله سبحانه :} كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ(29){[سورة ص] وقال عز وجل:}إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ(9){[سورة الأسراء] . وقال سبحانه:}قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ (44){[سورة فصلت] .
هل من ضمن الآيات المتشابهات في القرآن الكريم آيات المحرمات من الطعام، مثل قوله تعالى:} حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِه{ . فنرجو التوضيح لكل ما يحل لنا وما يحرم علينا؟
لمحرمات من الأطعمة ذكرت في القرآن مجملة ومفصلة:
فالأولى: مثل قوله تعالى في سورة البقرة:} إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ(173) { . وقوله تعالى في سورة الأنعام:} قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ(145) { .
والمفصلة: مثل قوله تعالى من سورة المائدة- وهي آخر ما نزل من القرآن- :} حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ(3) { .
الميتة: هي التي ماتت حتف أنفها، ولم تذك ذكاة شرعية.
والدم: هو الدم المسفوح، الذي يتدفق من البهيمة عند ذبحها، ولكن لا بأس بما يخالط اللحم.
ولحم الخنزير: معروف، ويلحق به شحمه -أيضا- فلا يجوز أكله، ولا الانتفاع به.
وما أهل لغير الله به: يعني ما رفع الصوت عند ذبحه بغير اسم الله، والمراد به كل ذبيحة يتقرب بها إلى غير الله عز وجل، كالذبائح التي تذبح في موالد المشايخ والمقبورين، والتي تذبح تحت النعش، أو تحت قدم زائر عظيم، أو تذبح لمشايخ الطرق، فهذا كله مما أهل لغير الله به، فهو فسق وخروج عن توحيد الله عز وجل.
وأما المنخنقة: فهي التي خنقها الحبل حتى ماتت.
والموقوذة: هي التي وقذت بحديدة، أو حجر فماتت.
والمتردية: هي التي سقطت في بئر أو هوة، فلم تدرك ذكاتها، فإذا أدركت حية جاز جرحها في أي مكان من جسمها، حتى يسيل منها الدم إذا لم يمكن ذبحها من العنق.
والنطيحة: هي التي نطحتها بهيمة أخرى حتى قتلتها.
وما أكل السبع: هي البهيمة التي أكل السبع بعض أعضائها، فإذا أدركت حية وذكيت، جاز أكلها لقوله تعالى:} إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ { يعني: إلا ما أدركتم ذكاته قبل موته.
وما ذبح على النصب: هي الصخرة التي كانوا يذبحون عليها لأصنامهم في الجاهلية، ويلحق بها كل ذبيحة يخصص لذبحها مكان بعينه، أو زمان بعينه لم يعينه الشارع؛ كالتي تذبح في ساحات الموالد ونحوها، وقد ألحقت السنة بهذه المحرمات كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير .
ولحوم الحمر الإنسية، وكل ما يستقذر وتعافه النفس لقوله تعالى:}...وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ...(157) {[سورة الأعراف] . والله تبارك وتعالى أعلم.
ما هي السبع المثاني؟ ولماذا سميت بذلك؟
الحمد لله، وحده، والصلاة والسلام على رسول وآله وصحبه.. و بعد:
قيل السبع المثاني هي: السبع الطوال: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس، أو الأنفال والتوبة، عند من جعلهما في حكم سورة واحدة.
وقيل السبع المثاني: سورة الفاتحة، وهي سبع آيات، في أصح قولي العلماء من دون البسملة.
وقد اختار هذا القول ابن جرير وابن كثير؛ لما رواه البخاري من قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي سعيد بن المعلى في فضل الفاتحة:[ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ ]رواه البخاري وأبوداود وابن ماجه والنسائي والدارمي وأحمد .
وما رواه البخاري-أيضاً- من طريق أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:[ أُمُّ الْقُرْآنِ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ] .
وسميت آيات الفاتحة السبع بالمثاني؛ لأنها تثنى أي تكرر في ركعات الصلوات، فرضا ونفلا.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه، وسلم.
كيف أحافظ على حفظي للقرآن؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله و صحبه. وبعد:
من أسباب حفظ القرآن: تكراره وتعاهده كثيراً، والصدق والإخلاص والرغبة في حفظه وتفهمه وتدبره، والضراعة إلى الله سبحانه، وسؤال التوفيق لذلك، مع الحذر من المعاصي والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى عما سلف منها.. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه، وسلم.
ما الحكمة من أن القرآن العظيم محفوظ من التبديل والتحريف، في حين أن الكتب الأخرى كالتوراة والإنجيل ليست كذلك؟
القرآن الكريم تكفل الله تعالى بحفظه؛ لأنه الكتاب الباقي إلى قيام الساعة، الناسخ لما سبقه، ولا يتطرق إليه نسخ.
أما الكتب السابقة، فاستحفظ عليها الربانيون والأحبار ابتلاء وامتحاناً لهم، ولأنها -والله أعلم- يتطرق إليها النسخ بشرائع أخرى تأتي بعدها، وهي -أيضاً- خاصة بمن أنزلت عليهم في وقتهم، والقرآن عام لجميع الثقلين: والجن والإنس، والإيمان بالكتب الإلهية من أركان الإيمان.
والإيمان بالقرآن إيمان مفصل بكل ما فيه، من أنكر منه حرفا، أو آية، أو أقل، أو أكثر، فهو مرتد عن دين الإسلام. وكذلك من أنكر حكما من أحكامه: كقطع يد السارق، والاقتصاص من الجاني، أو أنكر صلاحيته للحكم بين الناس في هذا الزمان، أو في أي زمان فهو كافر.
أما الإيمان بالكتب السابقة، فهو إيمان بها مع ما ذكره -سبحانه- أن أهلها قد حرفوها، وغيروا فيها
ما حـكم تقبيـل المصحف عنـد سقـوطه مـن مكان مـرتفع ؟
ا نعلم دليلاً على شرعية تقبيله، ولكن لو قبله الإنسان فلا بأس؛ لأنه يروى عن عكرمة بن أبي جهل الصحابي الجليل رضي الله تعالى عنه أنه كان يقبل المصحف ويقول:" هذا كلام ربي" .
وبكل حال: التقبيل لا حرج فيه ولكن ليس بمشروع وليس هناك دليل على شرعيته، ولكن لو قبله الإنسان تعظيماً واحتراماً عند سقوطه من يده أو من مكان مرتفع فلا حرج في ذلك ولا بأس إن شاء الله
نفعني الله واياكم ارجوا من الله ان يفق شباب المسلمين لما يحبه ويرضاه
يجوز ذلك حيث أن الإذاعة تحكي ما فيها من قرآن أو غيره، ومن استمع له استفاد ومن اشتغل فقد يستفيد ولو قليلاً.
ما حكم القراءة من المصحف للإمام الذي لا يحفظ؟ وما حكم متابعة المأموم الإمام بالنظر في المصحف عند القراءة بحجّة إصلاح خطأ الإمام، أو من أجل زيادة الفهم والتدبُّر والخشوع، كما يحتجون؟
لا أرى بأساً في حمل المصحف خلف الإمام، ومتابعته في القراءة لهذا الغرض، أو للفتح عليه إذا غلط، ويغتفر ما يحصل من حركة القبض وتقليب الأوراق، وترك السنة في قبض اليسار باليمين، كما يغتفر ذلك في حقّ الإمام الذي يحتاج إلى القراءة في المصحف، لعدم حفظه للقرآن، ففائدة متابعة الإمام في المصحف ظاهرة، بحضور القلب لما يسمعه، وبالرقة والخشوع، وبإصلاح الأخطاء التي تقع في القراءة من الأفراد، ومعرفة مواضعها، كما أن بعض الأئمة يكون حافظاً للقرآن فيقرأ في الصلاة عن ظهر قلب، وقد يغلط ولا يكون خلفه من يحفظ القرآن فيحتاج إلى اختيار أحدهم ليتابعه في المصحف، ليفتح عليه إذا ارتج عليه، ولينبهه إذا أخطأ، فلا بأس بذلك، إن شاء الله.
ما معنى التغنِّي بالقرآن؟ وما حكمه؟ وما معنى التحبير في القراءة؟ وماذا ترون في مسألة تكلُّف بعض الأئمة في نطق القرآن بحيث يخرجون عن سجيّتهم بقصد تحبيره؟
لتّغني هو تحسين الصوت بالقرآن، والترنُّم به، وهو مُستحب، لحديث أبي هريرة: "ليس منا من لم يتغنّ بالقرآن". وروى مسلم عن أبي موسى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة، لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود". وروي عنه أنه قال: "لو علمت أنك تستمع إليّ لحربته لك تحبيراً". والتحبير تحسين الصوت وتحزينه، وحيث أعجب النبي صلى الله عليه وسلم، وأقرّه على التّحبير، فإن ذلك يدل على الاستحباب، لكن التكلف والتشدد في النطق بالحروف، والمبالغة في المد والشد، والإظهار والإفصاح الزائد عن القدرة المعتادة لا يجوز، فإنّ قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، ليس فيها تكلف، فقد قرأ سورة البقرة والنساء وآل عمران في ركعة، وقد ثبت عن عثمان -رضي الله عنه- أنه كان يختم القرآن في ركعة".
ولو كانوا يتكلّفون هذا التكلف المعهود في قراءة المعاصرين لما أمكنهم ذلك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اقرأوا القرآن من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح، يتعجّلونه ولا يتأجّلونه". رواه أبو داود بمعناه.
قال النووي في التبيان: معناه يتعجّلون أجره، إما بمال وإما بسمعة ونحوها، وعن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما- أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: "اقرأوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإيّاكم ولحون أهل العشق، ولحون أهل الكتابين، وسيجيء بعدي أقوام يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونةٌ قلوبهم، وقلوب الذين يعجبهم شأنهم". ذكره في جامع الأصول، وعزاه لرزين، والله أعلم (الحديث فيه ضعف).
وجد في بعض الكليات في بعض الجامعات يقولون: إن القرآن أعظم من أن ندخله في قواعد اللغة، ويقولون: إن من صنف في اللغة من القدماء لم يستشهد بالقرآن الكريم. فما رأي سماحتكم في ذلك؟
رأينا في هذا: أن هذا القول خطأ عظيم بلاشك؛ لأن الله سبحانه وتعالي قال:} نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ(193)عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ(194)بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ(195){ [سورة الشعراء] ونحن لو صنف أحد من الناس كتاباً في اللغة، واستشهد بقول بدوي في البادية؛ لرأى الناس هذا دليلاً على ما استشهد به عليه، فكيف لا يمكن أن نقول: إن من استشهد بآية من كتاب الله قد استشهد بدليل صحيح؟! ولا شك أن قول هذا القائل من أعظم الأقوال فرية وكذباً، فالقرآن الكريم مصدر بلاشك، وسند قوي يستشهد به على اللغة العربية .
وانظر إلى كتب العلماء الذين ألفوا في العربية: كيف يستشهدون بالقرآن على ثبوت القواعد؟ وكيف يجيبون عن الآيات المشكلة التي تخرج عن قواعدهم؟ بل إن بعضهم قد يغير القاعدة من أجل ما جاءت به الآيات الكريمة مثل قوله تعالى:} فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ (71) {[سورة المائدة] فإن من العلماء من قال: إنه يجوز إدخال علامة الجمع على فعل فاعله اسم ظاهر، وأن ذلك قد دل عليه القرآن بدلاً من أن يقولوا: إنه جائز على لغة: (أكلوني البراغيث) فنرى أن القرآن الكريم دليل على اللغة العربية، وقواعدها، ومن قال مثل هذا القول، فعليه أن يستغفر الله عز وجل، وأن يتوب إليه .
هل نزلت سورة: }إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1){ [سورة الكوثر] بمكة أو بالمدينة؟
نزلت بالمدينة، ثبت في "صحيح مسلم" عَنْ أَنَسٍ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا إِذْ أَغْفَى إِغْفَاءَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا فَقُلْنَا: مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:[ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ فَقَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: } إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ(1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ(2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ(3) { ] ثُمَّ قَالَ:[ أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ] فَقُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ:[ فَإِنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ هُوَ حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ فَيُخْتَلَجُ الْعَبْدُ مِنْهُمْ فَأَقُولُ رَبِّ إِنَّهُ مِنْ أُمَّتِي فَيَقُولُ مَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَتْ بَعْدَكَ] هذا اللفظ رواه مسلم. وفي رواية له:" بَيْنَ أَظْهُرِنَا فِي الْمَسْجِدِ" . وقد أجمع المسلمون على أن أنساً لم يصحب النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة إلى المدينة .
يقول بعض الزملاء: من لم يدخل الإسلام يعتبر حرًّا لا يكره على الإسلام، ويستدل بقوله تعالى:} أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ(99) وقوله تعالى: }لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ...(256){ فما رأي سماحتكم في هذا؟
هاتان الآيتان الكريمتان والآيات الأخرى التي في معناهما بيَّن العلماء أنهما في حق من تؤخذ منهما الجزية كاليهود والنصاري والمجوس، لا يكرهون، بل يخيرون بين الإسلام وبين بذل الجزية. وقال آخرون من أهل العلم: إنها كانت في أول الأمر، ثم نسخت بأمر الله سبحانه بالقتال والجهاد، فمن أبى الدخول في الإسلام وجب جهاده مع القدرة حتى يدخل في الإسلام أو يؤدي الجزية إن كان من أهلها؛ فالواجب إلزام الكفار بالإسلام إذا كانوا تؤخذ منهم الجزية؛ لأن إسلامهم فيه سعادتهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة، فإلزام الإنسان بالحق الذي فيه الهدى والسعادة خير له من الباطل، كما يلزم الإنسان بالحق الذي عليه لبني آدم ولو بالسجن أو بالضرب، فإلزام الكفار بتوحيد الله والدخول في دين الإسلام أولى وأوجب؛ لأن فيه سعادتهم في العاجل والآجل، إلا إذا كانوا من أهل الكتاب كاليهود والنصارى أو المجوس، فهذه الطوائف الثلاث جاء الشرع بأنهم يخيرون؛ فإما أن يدخلوا في الإسلام، وإما أن يبذلوا الجزية عن يد وهم صاغرون.
وذهب بعض أهل العلم إلى إلحاق غيرهم بهم في التخيير بين الإسلام والجزية، والأرجح أن لا يلحق بهم غيرهم؛ بل هؤلاء الطوائف الثلاث هم الذين يخيرون؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قاتل الكفار في الجزيرة ولم يقبل منهم إلا الإسلام، قال تعالى:} فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَءَاتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(5){ [سورة التوبة] ولم يقل:أو أدوا الجزية، فاليهود والنصارى والمجوس يطالبون بالإسلام، فإن أبوا فالجزية، فإن أبوا وجب على أهل الإسلام قتالهم إن استطاعوا ذلك، يقول عز وجل:} قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ(29){ [سورة التوبة] .
ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخذ الجزية من المجوس، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه رضي الله عنهم أنهم أخذوا الجزية من غير الطوائف الثلاث المذكورة، والأصل في هذا قوله تعالى:} وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ (29){ [سورة الأنفال] وقوله سبحانه:} فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَءَاتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(5){ [سورة التوبة] وهذه الآية تسمى آية السيف، وهي وأمثالها هي الناسخة للآيات التي فيها عدم الإكراه على الإسلام، والله الموفق.
ما معنى قوله تعالى:}...فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ...(203) { [سورة البقرة] ؟ مع إيضاح ما نصت عليه هذه الآية .
يقول الله سبحانه: }وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى ...(203){ [سورة البقرة]. والمراد بالأيام المعدودات هنا: أيام التشريق الثلاثة: الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، فمن ينفر من الحجاج بعد رمي جمراته اليوم الثاني عشر بعد الزوال وقبل الغروب فقد تعجل، ومن بقى بمنى إلى أن يرمي جمرات اليوم الثالث عشر فقد تأخر، وذلك أفضل؛ لموافقته لفعله عليه الصلاة والسلام.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
ورد في القرآن الكريم آية كريمة في مجال تعدد الزوجات تقول: } فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً{. وورد في مكان آخر: }وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ{. فهل يعني هذا نسخ الآية الأولى وعدم الزواج إلا من واحدة؛ لأن شرط العدل غير ممكن. أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
ليس بين الآيتين تعارض، وليس هناك نسخ لإحداهما بالأخرى, وإنما العدل المأمور به هو المستطاع، وهو العدل في القسمة والنفقة. أما العدل في الحب وتوابعه من الجماع ونحوه فهذا غير مستطاع, وهو المراد في قوله تعالى: }وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ(129){ [سورة النساء] ولهذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عَائِشَةَ - رضي الله عنها- قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ وَيَقُولُ:[ اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ] قَالَ أَبُو دَاوُد: يَعْنِي الْقَلْبَ . رواه أبوداود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدرامي وصححه ابن حبان والحاكم. والله ولي التوفيق .
يهما أفضل قراءة القرآن أم الاستماع إلى أحد القراء عبر الأشرطة المسجلة؟
لأفضل أن يعمل بما هو أصلح لقلبه وأكثر تأثيراً فيه من القراءة أو الاستماع؛ لأن المقصود من القراءة هو التدبر والفهم للمعنى والعمل بما يدل عليه كتاب الله عز وجل كما قال الله سبحانه :} كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ(29){[سورة ص] وقال عز وجل:}إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ(9){[سورة الأسراء] . وقال سبحانه:}قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ (44){[سورة فصلت] .
هل من ضمن الآيات المتشابهات في القرآن الكريم آيات المحرمات من الطعام، مثل قوله تعالى:} حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِه{ . فنرجو التوضيح لكل ما يحل لنا وما يحرم علينا؟
لمحرمات من الأطعمة ذكرت في القرآن مجملة ومفصلة:
فالأولى: مثل قوله تعالى في سورة البقرة:} إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ(173) { . وقوله تعالى في سورة الأنعام:} قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ(145) { .
والمفصلة: مثل قوله تعالى من سورة المائدة- وهي آخر ما نزل من القرآن- :} حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ(3) { .
الميتة: هي التي ماتت حتف أنفها، ولم تذك ذكاة شرعية.
والدم: هو الدم المسفوح، الذي يتدفق من البهيمة عند ذبحها، ولكن لا بأس بما يخالط اللحم.
ولحم الخنزير: معروف، ويلحق به شحمه -أيضا- فلا يجوز أكله، ولا الانتفاع به.
وما أهل لغير الله به: يعني ما رفع الصوت عند ذبحه بغير اسم الله، والمراد به كل ذبيحة يتقرب بها إلى غير الله عز وجل، كالذبائح التي تذبح في موالد المشايخ والمقبورين، والتي تذبح تحت النعش، أو تحت قدم زائر عظيم، أو تذبح لمشايخ الطرق، فهذا كله مما أهل لغير الله به، فهو فسق وخروج عن توحيد الله عز وجل.
وأما المنخنقة: فهي التي خنقها الحبل حتى ماتت.
والموقوذة: هي التي وقذت بحديدة، أو حجر فماتت.
والمتردية: هي التي سقطت في بئر أو هوة، فلم تدرك ذكاتها، فإذا أدركت حية جاز جرحها في أي مكان من جسمها، حتى يسيل منها الدم إذا لم يمكن ذبحها من العنق.
والنطيحة: هي التي نطحتها بهيمة أخرى حتى قتلتها.
وما أكل السبع: هي البهيمة التي أكل السبع بعض أعضائها، فإذا أدركت حية وذكيت، جاز أكلها لقوله تعالى:} إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ { يعني: إلا ما أدركتم ذكاته قبل موته.
وما ذبح على النصب: هي الصخرة التي كانوا يذبحون عليها لأصنامهم في الجاهلية، ويلحق بها كل ذبيحة يخصص لذبحها مكان بعينه، أو زمان بعينه لم يعينه الشارع؛ كالتي تذبح في ساحات الموالد ونحوها، وقد ألحقت السنة بهذه المحرمات كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير .
ولحوم الحمر الإنسية، وكل ما يستقذر وتعافه النفس لقوله تعالى:}...وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ...(157) {[سورة الأعراف] . والله تبارك وتعالى أعلم.
ما هي السبع المثاني؟ ولماذا سميت بذلك؟
الحمد لله، وحده، والصلاة والسلام على رسول وآله وصحبه.. و بعد:
قيل السبع المثاني هي: السبع الطوال: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس، أو الأنفال والتوبة، عند من جعلهما في حكم سورة واحدة.
وقيل السبع المثاني: سورة الفاتحة، وهي سبع آيات، في أصح قولي العلماء من دون البسملة.
وقد اختار هذا القول ابن جرير وابن كثير؛ لما رواه البخاري من قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي سعيد بن المعلى في فضل الفاتحة:[ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ ]رواه البخاري وأبوداود وابن ماجه والنسائي والدارمي وأحمد .
وما رواه البخاري-أيضاً- من طريق أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:[ أُمُّ الْقُرْآنِ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ] .
وسميت آيات الفاتحة السبع بالمثاني؛ لأنها تثنى أي تكرر في ركعات الصلوات، فرضا ونفلا.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه، وسلم.
كيف أحافظ على حفظي للقرآن؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله و صحبه. وبعد:
من أسباب حفظ القرآن: تكراره وتعاهده كثيراً، والصدق والإخلاص والرغبة في حفظه وتفهمه وتدبره، والضراعة إلى الله سبحانه، وسؤال التوفيق لذلك، مع الحذر من المعاصي والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى عما سلف منها.. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه، وسلم.
ما الحكمة من أن القرآن العظيم محفوظ من التبديل والتحريف، في حين أن الكتب الأخرى كالتوراة والإنجيل ليست كذلك؟
القرآن الكريم تكفل الله تعالى بحفظه؛ لأنه الكتاب الباقي إلى قيام الساعة، الناسخ لما سبقه، ولا يتطرق إليه نسخ.
أما الكتب السابقة، فاستحفظ عليها الربانيون والأحبار ابتلاء وامتحاناً لهم، ولأنها -والله أعلم- يتطرق إليها النسخ بشرائع أخرى تأتي بعدها، وهي -أيضاً- خاصة بمن أنزلت عليهم في وقتهم، والقرآن عام لجميع الثقلين: والجن والإنس، والإيمان بالكتب الإلهية من أركان الإيمان.
والإيمان بالقرآن إيمان مفصل بكل ما فيه، من أنكر منه حرفا، أو آية، أو أقل، أو أكثر، فهو مرتد عن دين الإسلام. وكذلك من أنكر حكما من أحكامه: كقطع يد السارق، والاقتصاص من الجاني، أو أنكر صلاحيته للحكم بين الناس في هذا الزمان، أو في أي زمان فهو كافر.
أما الإيمان بالكتب السابقة، فهو إيمان بها مع ما ذكره -سبحانه- أن أهلها قد حرفوها، وغيروا فيها
ما حـكم تقبيـل المصحف عنـد سقـوطه مـن مكان مـرتفع ؟
ا نعلم دليلاً على شرعية تقبيله، ولكن لو قبله الإنسان فلا بأس؛ لأنه يروى عن عكرمة بن أبي جهل الصحابي الجليل رضي الله تعالى عنه أنه كان يقبل المصحف ويقول:" هذا كلام ربي" .
وبكل حال: التقبيل لا حرج فيه ولكن ليس بمشروع وليس هناك دليل على شرعيته، ولكن لو قبله الإنسان تعظيماً واحتراماً عند سقوطه من يده أو من مكان مرتفع فلا حرج في ذلك ولا بأس إن شاء الله
نفعني الله واياكم ارجوا من الله ان يفق شباب المسلمين لما يحبه ويرضاه
alhsnwe- عدد المساهمات : 17
تاريخ التسجيل : 26/07/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى